القائمة الرئيسية

الصفحات

من تبلور الوعي الوطني الجزائري إلى الثورة التحريرية

 التمهيد الإشكالي:

أفرزت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية في الجزائر وضعا سياسيا مختلفا نظرا للتطورات التي شهدتها الساحة الدولية، حيث وجد فيها الشعب الجزائري الفرصة سانحة من أجل العمل المسلح لاسترجاع السيادة. 

  • فما هي تلك الأحداث التي فرضت اللجوء للثورة؟
  • وما ظروفها وبوادرها؟ 

مظاهرات 8 ماي 1945:

طبيعة الحدث:

مظاهرات سلمية قام بها الجزائريون احتفالا بنهاية الحرب العالمية الثانية والمطالبة بتنفيذ فرنسا لوعودها للجزائريين بالاستقلال، فخرج الجزائريون في عدة مدن أهمها: (سطيف، قالمة، خراطة)، وفي سطيف تقدّم الجزائري البطل "بوزيد سعّال" (22 سنة، دهّان) حاملا العلم الوطني فسقط شهيدا لتبدأ المجازر التي شارك فيها الجيش والشرطة والدرك والمستوطنون واليهود.

أسبابها: 

تذكير المجتمع الدولي بأطروحاته السياسية، ميثاق الأطلسي 1941 المتمثل في حق الشعوب في تقرير مصيرها، وميثاق الجامعة العربية مارس1945 وبوادر تشكل هيئة الأمم المتحدة.

  • تبلور الوعي الوطني السياسي.
  • نضج الحركة الوطنية 
  • السياسات القمعية الفرنسية
  • تنامي الوعي الوطني نتيجة المشاركة في الحرب العالمية الثانية.
  • تجاهل فرنسا لبيان فيفري 1943 الاستقلالي.
  • مطالبة فرنسا بتنفيذ وعودها للجزائريين.

رد فعل الاستعمار الفرنسي:

بدلا من أن يستجيب لمطالب الجزائريين، أقدمت الإدارة الفرنسية على ارتكاب مجزرة شارك فيها الجنود، الشرطة، اللفيف الأجنبي، قوات البحرية، الميلشيات، وكان هدفها من ذلك هو:

  • الانتقام من الحركة الوطنية خاصة بعد صدور بيان فيفري 1943.
  • رفض فرنسا لأي تغيير في الجزائر.
  • استعادة هيبة جيشها الذي أذلته النازية.
  • رسالة تحذيرية لباقي المستعمرات.

نتائجها:

  • الخسائر البشرية 45000 شهيد والمادية 45 قرية يقابلها 102 مستوطنين.
  • اعتقال باقي زعماء الحركية وحل ما تبقى من أحزابها.
  • اهتزاز مكانة فرنسا الدولية وتلطيخ سمعتها.
  • إعادة بناء الحركة الوطنية حيث برز الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري  بزعامة فرحات عباس، وحركة الانتصار للحريات الديمقراطية بزعامة  مصالي الحاج 1946.
  • اقتناع الجزائريين بعدم جدوى النضال السياسي وضرورة اللجوء للعمل المسلح وإنشاء المنظمة الخاصة في 17-02-1947.
  • تبلور التيار الداعي للكفاح المسلح خاصة اتجاه الاستقلالي (المنظمة السرية 1947).
  • لجوء فرنسا إلى سياسة التهدئة من خلال مرسوم العفو الشامل مارس1946 والانتخابات 1946 ودستور 1947.

القانون الخاص 1947:

أمام ضغوطات الرأي العام العالمي وتصاعد صوت الحركة الوطنية وتغطية لجرائم 8 ماي 1945 أصدرت فرنسا دستورا خاصا بالجزائر في 20 سبتمبر 1947 في إطار التهدئة، صدر في عهد حكومة رمادي، محتواه:

  • الجزائر قطعة من فرنسا تتكون من ثلاث ولايات: وهران، الجزائر، قسنطينة، ويتساوى سكانها في الحقوق والواجبات والجنسية الفرنسية.
  • يحافظ المسلمون الجزائريون على أحوالهم الشخصية الإسلامية ولا يحول ذلك بينهم وبين حقوقهم السياسية.
  • تتمتع الجزائر تحت سلطة الحاكم العام بمجلس استشاري يتكون من 120 عضو بالمناصفة.
  • يؤسس مجلس حكومة مع الحاكم العام وظيفته الإشراف على تنفيذ قرارات المجلس الاستشاري ويتألف من 06 أعضاء بالمناصفة.
  • تشارك الجزائر في المجالس النيابية الفرنسية بممثلين عن المستوطنين والجزائريين بالتساوي.
  • فصل الدين عن الدولة.
  • اعتبار اللغة العربية رسمية إلى جانب الفرنسية.
  • إلغاء البلديات المختلطة والحكم العسكري في الجنوب.

المواقف المختلفة من قانون 1947:

أ‌- الحركة الوطنية: رفضت الدستور للاعتبارات التالية:

  • لم تشارك في صياغته.
  • يتعارض في بنده الأول مع مطالب الحركة الوطنية.
  • لا يجسد العدالة لأن المجلس يتكون من 120 عضوا بالمناصفة 60 عضوا تمثل 10 ملايين جزائري 60 عضوا تمثل 800 ألف مستوطن.

ب‌- المستوطنون: قبلوا الدستور كونه ضمن  بقائهم بالجزائر الأبدي، أما البنود التي تتعارض ومصالحهم فإنهم يدركون أنها لا تطبق.

أزمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية 1953:

إبان انعقاد المؤتمر الثاني للحزب حركة انتصار للحريات الديمقراطية في 04/05-06 أفريل 1953 وفي غياب زعيم الحزب مصالي الحاج وحل المنظمة السرية والاستقالة الموالية للعديد من المناضلين بسبب سلبية القيادة اتجاههم والخلاف في القيادة إزاء القضايا المطروحة مثل تجديد الهياكل التمثيل داخل الحزب، ظهرت أزمة خانقة في صفوفه تجلت في: 

أ - المصاليون: أنصار مصالي  يطالبون بالقيادة الفردية له والكفاح السياسي لنيل الاستقلال.         

ب - المركزيون: نسبة إلى اللجنة المركزية يطالبون بالقيادة المركزية والكفاح المسلح وفي خضم ذلك برز تيار ثالث من مناضلي المنظمة الخاصة (المحايدون) والمقتنعين بمنهج الكفاح المسلح.

ولإحتواء هذا الانشقاق والتشتت كونوا اللجنة الثورية للوحدة والعمل في 23 مارس 1954 والتي قررت التحضير للكفاح المسلح، وفي 25/06/1954 بالمدنية بالعاصمة، وعرف  اجتماعهم هذا بمجموعة 22 عضو حيث اتفقوا فيه على: الإعلان عن الثورة دون تحديد التاريخ، ولتنفيذ ذلك شكلت لجنة من ستة أعضاء هم: مصطفى بن بولعيد – العربي بن مهيدي – محمد بوضياف- رابح بيطاط – كريم بلقاسم- ديدوش مراد إضافة إلى  ثلاثة في الخارج: محمد خيضر- حسين آيت أحمد – أحمد بن بلة، كما اجتمعت لجنة الستة يوم 23 أكتوبر 1954 واتفقت على ما يلي: 

  • أول نوفمبر يوم اندلاع الثورة.
  • جبهة التحرير الوطني هي الجناح السياسي والقائد للثورة وجيش التحرير الوطني جناحها العسكري.
  • إعداد بيان 01/11/1954.
  • تقسيم التراب الوطني إلى 05 مناطق:

أ - المنطقة الأولى: الأوراس: مصطفى بن بولعيد 

ب - المنطقة الثانية: الشمال القسنطيني: ديدوش مراد.

ج - المنطقة الثالثة: القبائل: كريم بلقاسم.

د - المنطقة الرابعة: العاصمة: رابح بيطاط.

ذ - المنطقة الخامسة: وهران: العربي بن مهيدي.         

الظروف الداخلية والإقليمية والدولية للثورة:

الظروف الداخلية:

  • فداحة الخسائر البشرية في 08/05/1945.
  • فشل الإصلاحات الفرنسية دستور 1947.
  • اقتناع الشعب بحتمية العمل المسلح.
  • تعمُق أزمة حركة انتصار الحريات الديمقراطية.
  • دور المنظمة الخاصة واللجنة الثورية للوحدة والعمل.
  • الآثار النفسية لمجازر 8 ماي 1945.

الظروف الإقليمية

  • استقلال العديد من الدول العربية (سوريا – لبنان - مصر ....).
  • العمل المسلح في تونس والمغرب الأقصى.
  • الدعم العربي للحركات التحررية خاصة مصر - الجامعة العربية - لجنة تحرير المغرب العربي.

الظروف الدولية:

  • انتشار موجة التحرر في العالم.
  • تراجع مكانة فرنسا في المحافل الدولية. 
  • انهزام فرنسا في معركة "ديان بيان فو". 
  • المواثيق الدولية التي تقر حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها (هيئة الأمم – الجامعة العربية ...).

مواثيق الثورة:

للثورة الجزائرية ثلاثة مواثيق أساسية هي:

أ - نداء أول نوفمبر01/11/1954: وثيقة سياسية ثورية رسمت المعالم الأولى للثورة التحريرية وحددت الوسائل والآفاق لفترة ما بعد التحرير، وهو أول وسيلة إعلامية محليا وإقليميا ودوليا، حيث دعا جميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية وجميع الأحزاب والحركات الجزائرية إلى الانضمام إلى الكفاح التحريري ودون أدنى اعتبار آخر، وبينت الجبهة في بيانها الأول أهدافها ووسائلها التي تصدرها الاستقلال الوطني وإقامة دولة جزائرية ذات سيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية، واحترام الحريات دون تمييز ديني أو عرقي، وأعلنت الجبهة أنها ستواصل الكفاح بجميع الوسائل لتحقيق ذلك الهدف.

ب - ميثاق مؤتمر الصومام بيجاية 20/ أوت/ 1956م: جاء لتنظيم الثورة جغرافيا سياسيا وعسكريا وإداريا.

ج - ميثاق طرابلس: في 4 جوان1962: على اثر نجاح المفاوضات الفرنسية عقد المؤتمر الثاني بمدينة طرابلس الليبية واقر الاختيارات التالية:

  • الأخذ بمبدأ الحزب الواحد – جبهة التحرير الوطني.
  • تبني الاشتراكية كنظام للجزائر.
  • بناء اقتصادي وطني قوي.
  • إقرار سياسة اجتماعية.

خاتمة:

لقد تعلم الجزائريون أن الاستعمار تلميذ غبي لا يفهم إلا بتكرار الضربات وأن التجارب السابقة من مقاومات شعبية ونضال سياسي قد أثبتت فشلها وتجلى ذلك في المقاومة الجزائرية، حيث وجد فيها الشعب الجزائري الفرصة سانحة من أجل العمل المسلح لاسترجاع السيادة.

رسالة التنبيه: في حالة وجود رابط لا يعمل يرجى تنبيهنا في التعليقات.

تحميل