القائمة الرئيسية

الصفحات

استعادة السيادة الوطنية وبناء الدولة الجزائرية

 التمهيد الإشكالي:

بعد سنوات من الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي استطاع الشعب الجزائري أن يضع المحتل أمام الأمر الواقع قبول التفاوض ومنح الشعب حق تقرير مصيره وتحقق الاستقلال، وبدأت مرحلة بناء الدولة الجزائرية واختيار ملامح النموذج الذي يحقق البناء غير أن تحولات كثيرة وعميقة ميزت هذا العمل جعلت المجتمع الجزائري يََـتـقـلب بين نموذج و آخر.

المفاوضات  واتفاقيات الاستقلال:

لم تكن كلمة اتصال أو تفاوض ضمن أدبيات السياسة الفرنسية تجاه الجزائر، فكثرت الشبهات حول التنقيص من قيمة الثورة الجزائرية واعتبرت الحدث عارضا يمكن تجاوزه لكن ما إن فتأت الأحداث حتى أصبح على فرنسا لزاما أن تركع أمام إرادة الشعب الجزائري وقوة الثورة التي احتضنها في التفاوض مع زعماء الثورة.

أسباب قبول فرنسا للتفاوض:

  • قوة الثورة بعد مؤتمر الصومام.
  • الخسائر المادية والبشرية لفرنسا في الجزائر التي تتزايد نفقاتها. 
  • فشل الدبلوماسية الفرنسية في كسب التأييد الدولي في القضية الجزائرية.
  • تذمر الشعب الفرنسي على الحرب في الجزائر وانعكاساتها عليهم.
  • قناعة الساسة الفرنسيين في قبول التفاوض وعلى رأسهم ديغول.

مراحل المفاوضات:

أ - مرحلة جس النبض (الاتصالات السرية): حاولت فرنسا من خلالها معرفة أهداف الثورة ومدى حنكة قادتها وما هي أهم مطالبهم وحتى يتسنى لها الوقت في القضاء على الثورة، وتمثلت هذه الاتصالات  بالقاهرة ثم بلغراد وتوقفت بسبب اختطاف فرنسا لقادة الثورة1956.

ب - مرحلة المفاوضات الرسمية (العلنية): وتتمثل في:

  • محادثات مولان: في 25-29/06/1960م لكنها فشلت بسبب تعنت الموقف الفرنسي وتجاهله للمطالب الجزائرية.
  • لقاء لوسارن بسويسرا: في 20 فيفري 1961م بعد مظاهرات 11/12/1960م فشلت بسبب تعنت الموقف الفرنسي في فصل الصحراء عن الجزائر. 

ج - مفاوضات ايفيان الأولى: 20 ماي -13 جوان 1961م: بعد حركة التمرد ضد ديغول في 22 أفريل 1961م أدرك ديغول ضرورة حل القضية الجزائرية لذلك إلتقى الوفدان في ايفيان الفرنسية وبسبب فصل الصحراء والامتيازات لبعض المواطنين وإشراك أطراف أخرى في التفاوض، فشلت المفاوضات وافترق الوفدان في 13 جوان 1961م، لتتجدد في لقاء بال بسويسرا من أكتوبر إلى نوفمبر 1961م وفيها تم دراسة العديد من القضايا مثل: سير المرحلة الانتقالية بين فرنسا والجزائر، وكذا التواجد العسكري في المرسى الكبير ومسألة الجنسية للمعمرين.

د - اتفاقيات ايفيان الثانية (الاستقلال): في 07-18-مارس 1962م تم إدخال جملة من التعديلات على
الاتفاقات السابقة بصورة دقيقة وانتهت بالتوقيع عليها في 18مارس1962 ووقف إطلاق النار في 19 مارس 1962 (عيد النصر) عند منتصف النهار.

ذ - ردود فعل المعمرين: كان المعمرون ضد هذه المفاوضات والاتفاقيات لذلك قاموا بتأسيس المنظمة السرية L.OA.S في أفريل 1961م وقاموا بعمليات إرهابية راح ضحيتها الكثير من الجزائريين.

ظروف قيام الدولة الجزائرية:

  • وقف إطلاق النار في 19 مارس. 
  • عقد المجلس الوطني اجتماعا في طرابلس في 25 ماي 1962 ليصادق على ميثاق طرابلس. 
  • إجراء الاستفتاء يوم01 جويلية الذي كان لصالح استقلال الجزائر بنسبة 99 بالمائة وفي 03 جويلية أعلن ديغول عن استقلال الجزائر رسميا وفي 05 جويلية أعلنت الجبهة استقلال الجزائر تزامنا مع تاريخ احتلالها. 
  • تكون الجمعية التأسيسية برئاسة فرحات عباس في سبتمبر 1962التي أعلنت في 26-09 -1962م عن قيام الجمهورية الجزائرية مع مراعاة ما جاء في ميثاق طرابلس. 
  • الإرهاب الذي مارسته منظمة لواس L.OA.S في حق الجزائريين بشريا وماديا. 

المشاكل التي واجهنا غداة الاستقلال:

اجتماعيا:

  • مليون ونصف مليون شهيد ومئات الآلاف من اللاجئين والمهجرين.
  • انتشار الفقر والبطالة والأمية والجهل.
  • تفشي الأمراض والأوبئة.
  • الانفجار الديمغرافي المتزايد الذي لا يتلاءم مع الاقتصاد الوطني.

اقتصاديا:

  • ضعف الاقتصاد الوطني.
  • انعدام الهياكل القاعدية للبلاد.
  • هروب  الإطارات وتهريب رؤوس الأموال من طرف المعمرين.
  • تبعية الاقتصاد الشبه كلي إلى فرنسا.

سياسيا:

  • صعوبة تسيير شؤون البلاد في هذه الظروف.
  • نقص الإطارات بسبب سياسة التجهيل.
  • عدم وجود إستراتيجية لتسيير شؤون الدولة بعد الثورة.
  • مشكلة التعامل مع بعض ما جاء في اتفاقيات ايفيان.

الاختيارات الكبرى للدولة الجزائرية الناشئة:

لقد كانت مرجعيات بناء الدولة الجزائرية بدءا من بيان أول نوفمبر إلى ميثاق الصومام 20 أوت 1956م إلى ميثاق طرابلس 27 جوان 1962م، إذ يعد هذا الأخير بمثابة الديباجة التي وضعت الأسس الكبرى في بناء الدولة الجزائرية الحديثة من خلال:

أ‌ - الاختيارات السياسية:

  • تحقيق مبدأ الديمقراطية وفق البادئ الإسلامية.
  • رفض الارتجالية والنزعة الذاتية في الحكم (لا فردية في الحكم).
  • انتهاج النموذج الاشتراكي.
  • تبني مبدأ الحزب الواحد –جبهة التحرير الوطني.
  • دعم حركات التحرر العالمية.

ب - الاختيارات الاقتصادية:

  • رفع مستوى المعيشة. 
  • ثورة اجتماعية في الريف لترقيته.
  • بناء اقتصاد وطني وقوي.
  • اعتماد النهج الاشتراكي الاقتصادي كأسلوب للتنمية.
  • إتباع سياسة التخطيط ومراجعة العلاقات الاقتصادية مع الخارج.

ج - الاختيارات الاجتماعية والثقافية:

  • تحسين المعيشة وترقية الوضع الصحي وتحرير المرأة.
  • ترقية اللغة العربية وإحياء التراث الوطني. 
  • ترقية الريف للتضرره أكثر أثناء الثورة. 
  • إجبارية التعليم ومجانيته. 
  • الاهتمام بالسكان من الشغل والسكن. 

التطور السياسي للدولة الجزائرية 1962-1989م: 

المرحلة الأولى من الاستقلال إلى 1965م:

أ- داخليا:

  • تم انتخاب أحمد بن بلة أول رئيس للجمهورية الجزائرية المستقلة.
  • إصدار دستور 1963م ثم الميثاق الوطني 1964م.
  • إقرار مبدأ الحزب الواحد والسعي إلى تكريس السيادة الوطنية.
  • إقامة نظام ديمقراطي مثل ما نص عليه بيان أول نوفمبر.

ب - خارجيا:

  • انضمام الجزائر رسميا إلى الأمم المتحدة.
  • فتح مفاوضات مع فرنسا من أجل التخلص من بعض سليبات اتفاقيات ايفيان.
  • محاولة تأصيل البعد العربي الإسلامي والانضمام إلى الجامعة العربية ومساندة القضية الفلسطينية.
  • المساهمة في المنظمات الإقليمية والعالمية كمنظمة الوحدة الإفريقية.
  • مساندة الشعوب الحرة في العالم.

المرحلة الثانية من 1965 إلى 1989م: 

أ- داخليا:

  • 19 جوان 1965 قيام وزير الدفاع "هواري بومدين" بانقلاب على " بن بلة " ( التصحيح الثوري). 
  • تجميد العمل بدستور 1963م وميثاق 1964م. 
  • تأكيد المبادئ السابقة للثورة.
  • إرساء ازدواجية السلطة (الحزب والجيش). 
  • بناء مؤسسات الدولة (إنشاء المجالس البلدية في 1967م والمجالس الولائية 1969م. 
  • تأسيس دستور جديد في 19/11/1976م بالعودة إلى النظام الرئاسي الجمهوري، والميثاق الوطني 27/06/1976م. تنظيم انتخابات في 10/12/1976 وتم انتخاب بومدين رئيسا للجمهورية.
  • إجراء انتخابات المجلس الوطني الشعبي في 1977.
  • وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين 27/12/1978م وشغول منصب الرئاسة. 
  • حل مجلس الثورة في جانفي 1979م وانتخاب مجلس شادلي بن جديد رئيسا للجمهورية 07/02/1979م.
  • أحداث أكتوبر 1988م: التي جاءت على اثر الأزمة الاقتصادية عام 1986م لانخفاض أسعار البترول انعكست على الوضع الاجتماعي فكانت أحداث أكتوبر 1988م التي أعلن فيها الرئيس الشاذلي بن جديد عن إصلاحات سياسية بداية بظهور دستور فيفير1989م الذي كرس التعددية ونهاية العهد وتنصيب حكومة برئاسة مولود حمروش.
  • نهاية مرحلة الاشتراكية واحتكار الدولة للتجارة الخارجية والتوجه إلى اقتصاد السوق (الليبرالي) وفسح المجال أمام الاستثمارات.
ب - خارجيا:
  • مساندة ودعم الحركات التحررية والمشاركة في الحروب العربية الإسرائيلية 1967-1973م.
  • عقد مؤتمر عدم الانحياز في 05/09/1973م بالجزائر. 
  • ترأس الجزائر للجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة 36 في 1974م وإدراج القضية الفلسطينية.
  • حل النزاع الإيراني العراقي بوساطة جزائرية 1975م.
  • حل النزاع الحدودي بين مصر والسودان 1979م.
  • الدعوة إلى تأسيس نظام اقتصادي عالمي عادل.

  • مواصلة دعم كفاح الشعب الفلسطيني إذا احتضنت عناصر المقاومة الفلسطينية التي خرجت من لبنان واحتضان مؤتمر المجلس الوطني الفلسطيني الذي أعلن قيام الدولة الفلسطينية 15-12-1988م وكانت الجزائر أول بلد يعترف بها.

خاتمة:

رغم المصاعب التي واجهتها الجزائر في بداية الاستقلال إلا أنها استطاعت أن تتجاوز العقبات وأن توفي بما جاء في مواثيق الثورة في كافة المجالات.

رسالة التنبيه: في حالة وجود رابط لا يعمل يرجى تنبيهنا في التعليقات.

تحميل