القائمة الرئيسية

الصفحات

هل البرهان الرياضي ذو طبيعة تحليلية ام تركيبية ؟

 هل البرهان الرياضي ذو طبيعة تحليلية ام تركيبية؟

مقدمة

يميز الفلاسفة بين نوعين من البرهان برهان تحليلي يعتمد على المبادئ القبلية وبرهان تركيبي بعدي وكون الرياضيات علم صوري ذهب بعض الفلاسفة الى ان البرهان الرياضي برهان تحليلي في حين ذهب كانط الى ان البرهان الرياضي برهان تركيبي وقبلي وعلى هذا الاساس نطرح المشكلة التالية .ماهي طبيعة البرهان الرياضي هل هي تحليلية ام تركيبية؟

محاولة حل المشكلة

الموقف الأول:يرى ارسطو ان البرهان الرياضي ذو طبيعة تحليلية ويستند في ذلك الى ان موضوع الرياضيات ليست الاشياء المادية بل هو كيفيات صورية مجردة لا يناسبهاالا البرهان التحليلي كما يستند الى تصنيفه للبرهان الى نوعان برهان يبدأ من الاثار الى العلل وهو البرهان التركيبي ويناسب عنده الفيزيقا وبرهان يبدأ من العلل او المبادئ وينتهي الى النتائج وهذا الاخير هو المقصود بالتحليل فالرياضيات اذا عنده لا تنفصل في طابعها_لا في موضوعها_عن المنطق الصوري مادامت تدرس كيفيات صورية والغرض منها تدريب العقل على التفكير المنطقي الصحيح بالانتقال في سلسلة من الاستنتاج الذي يبدأ من المبادئ العامة الى النتائج الخاصة وهو مايجعل البرهان الرياضي عند ارسطو موثوقا وتكراريا كونه تحليلي ننطلق فيه من مبادئ اولية قبلية الى نتأئج تضمنتها المبادئ بالقوة اي قوة العقل في هذا الصدد يميز دافيد هيوم حقائق الرياضيات عن الحقائق التركيبة بانها حقائق تحليلية فهي ليست مادية وبالتالي لا تعرف التغير فهي دائما صادقة ولا تحتمل غير ذلك ولسنا بحاجة الى ملاحظة خارجية لمعرفتها وكمثال على ذلك اننا في عملية حسابية مثل5× 15=3نجد ان النتيجة لا تعتمد على غير التفكير والانتقال المنطقي وهي نتيجة تكرارية اي متظمنة في العملية نفسها.

مناقشة: القول بأن البرهان الرياضي ذو طبيعة تحليلية يجعل نتائجه تحصيل حاصل على حد تعبير بوانكاريه وهذا الرأي يتنافى مع التصورات التي عرفتها الرياضيات في عصرنا ثم ان الاستنتاج التحليلي بحسب بوانكاريه لايرقى الى مستوى البرهان بل هو وسيلة للتحقق من صدق قضية عامة بعد ان تحصلنا عليها ببرهان تركيبي والامر هنا اشبه بالنزول من السلم الذي لا يتم الا بالصعود.

الموقف الثاني: يذهب بعض الفلاسفة الى ان البرهان الرياضي ذو طبيعة تركيبية ،في هذا الاتجاه يرى كانط ان ما يميز الرياضيات عن المنطق والفيزياء هو طبيعة برهانها فهو برهان يتميز عن البرهان التحليلي في المنطق الصوري كما يتميز عن البرهان التركيبي في 1. علوم الطبيعة كونه تركيبي قبلي، تركيبي لانه ينشأ الاستنتاج بدأمن المفاهيم فالدائرة مثلا هي تصور لا يوجد في العقل بشكل قبلي لكن العقل ابدعه وحدد له تعريف تحكمي ومع ذلك فهو برهان قبلي من حيث انه لم يعاينه في الواقع وانما انشأه داخل الحدس الاولي للمكان وكذلك العدد ولهذ تتميز البراهين الرياضية عن الاقيسة الصورية والاستقراء وقد بنى كانط رأيه هذا على التمييز بين الحكم التحليلي والحكم التركيبي فيعطينا مثالا عن الحكم التحليلي(كل الاجسام تتمدد) المحمول هنا لايضيف للموضوع شيئا ومثال اخر عن حكم تركيبي(كل الاجسام ثقيلة)المحمول هنا يضيف شيئا جديدا للموضوع والبراهين الرياضية ليست لا من النوع الاول ولا من النوع الثاني كما تقدم ويقدم لنا كانط مثالا بسيطا عن طبيعة الرهان الرياضي التركيبية القبلية فالعملية 7+5=12 ليست حكما تحليليا لان تصور12 ليس متظمنا لا في تصور 5 ولا 7 فهو حكم تركيبي ومع ذلك فهو قبلي مادام شمولي وضروري ،ايضا في نفس الاتجاه نجد بوانكاريه الذي يرى ان البرهان الرياضي برهان تركيبي ويستند في ذلك الى التمييز بين القياسات الصورية والاستنتاجات الرياضية اذ النتائج في القياسات الصورية نتائج متظمنة في مقدماتها بينما النتأئج في الاستنتاج الرياضي ليست متظمنة في المقدمات ويعطي بوانكاريه مثالا عن ذلك المثلث فتساوي الزوايا هي نتيجة لتساوي الاضلاع ولكنه ليس متضمنا فيه فالبرهان الرياضي هنا ينشأ علاقة ضرورية بين خاصيتان مختلفتين عن بعضهما ف الا ستنتاج التحليلي لا يرقي الى مستوى البرهان الرياضي بل هو نوع من التحقق لان البرهان الرياضي هو الذي ننتقل فيه اما من خاصية مقبولة الى خاصية مختلفة كما هو الحال في مثال تساوي الزوايا والاضلاع في المثلث واما من خاصية مخصوصة الى خاصية عامة مثل الانتقال من مجموع زوايا المثلث الى مجموع زوايا المضلع ولكن ابدا لا ننتقل في البرهان من عام لخاص ولهذا فان البرهان الرياضي عند بوانكاريه يتم من خلال مايسميه الاستنتاج بالتكرار او الاستقراء الرياضي او الاستقراء التام ويتم بطريقة تصاعدية ننتقل فيها من خاصية تحققت في مثال واحد الى التحقق من صدقها في عدد لا متناهي من الامثلة ومثال ذلك انه يمكننا البرهنة على صحة المتراجحة التالية

1. بالنسبة ل1+n اذا كانت صحيحة بالنسبة لn علما انn اكبر من2 اذا يمكننا اثبات ان المتراجحة صحيحة بالنسبة لكل حالة تتحقق فيها1+n فهي قد تساوي 4او5 الى مالانهاية.

2. مناقشة:ان مايسميه كانط برهان تركيبي قبلي لا ينفصل عن محاولته للتقريب بين العقل والتجربة ثم ان الامثلة التي اعتمدها ترتد على طرحه اذ النتيجة في العملية 5+7=12 ليست فقط متظمنة في العملية نفسها بل اكثر من ذلك هي متماهية معها.

3. اما بالنسبة للاستقراء الرياضي عند بوانكاريه فان مثال المتراجحة نفسه يؤكد ان هذا الاستقراء يؤول الى تحليل فنحن نتتبع حالات لا متناهية للتحقق من قاعدة حتى ولو كانت افتراضية.

4. تركيب:ان مثال واحد من البراهين الرياضية يثبت لنا ان البرهان الرياضي لا يستغني عن التحليل ولا عن التركيب اذ يمكننا من خلال المعادلتين 

4. ان نركب معادلة من الدرجة الثانية

4. ويمكننا نزولا ان نحللها الى المعادلتين السابقتين فالامر هنا اشبه بالصعود والنزول من السلم وهو مثال اورده غوبلو عن ديكارت

5. حل المشكلة: اذا البرهان الرياضي يعتمد على التحليل والتركيب انطلاقا من مقدمات افتراضية وقيمته تكمن في تسلسله المنطقي الخصب ودقته ولعل هذا مايجعل العلوم الاخرى تلجأ اليه وتوظفه.