القائمة الرئيسية

الصفحات

هل من الضروري الحديث عن الأخلاق في البيولوجيا؟

 نص السؤال: هل من الضروري الحديث عن الأخلاق في البيولوجيا؟

هل للبيوإتيقا موقع في الممارسات العلمية على المادة الحية؟

هل البيوإتيقا ضرورية في حقل الدراسات البيولوجية ؟

هل يمكن دراسة علم الأحياء تجريبيا بعيدا عن الضوابط الأخلاقية ؟

هل يمكن الحديث عن مخاطر التجريب في علوم المادة الحية ؟

المقدمة(طرح المشكلة):

أ-تمهيد: تعتبر البيولوجيا علما تجريبيا يختص بدراسة ظواهر الكائنات الحية ،وقد عرف تطورا مذهلا بفضل تجاوز العوائق التي واجهته في بداية تأسيسه كعلم خاصة مع دخول التكنولوجيا والهندسة الوراثية.

ب-إبراز الجدل :ولقد احتدم الجدل بين المفكرين الفلاسفة وبعض العلماء و رجال الدين حول مشكلة الحدود الأخلاقية في البيولوجيا البعض يدعو  إلى تجاوز النقاشات الأخلاقية والبعض الآخر يدعو إلى الإلتزام بالضوابط الأخلاقية في هذا الميدان.

ج-طرح السؤال (الإشكال): وانطلاقا من هذا الجدل القائم جاز لنا أن نطرح الإشكال الآتي: هل يمكن دراسة الأحياء بعيدا عن النقاشات الأخلاقية ؟

العرض(محاولة حل المشكلة):

أ-القضية: (النزعة اللإنسانية :البيولوجيا من دون حدود أخلاقية)

يرى أنصار هذا الطرح ومن بينهم: فريديريك نيتشه ، جيمس واطسن بأنه لا مجال للحديث عن الأخلاق في البيولوجيا.

المسلمة: ولقد أسسوا موقفهم على مسلمة أساسية مفادها: الحديث عن الأخلاق يعيق البيولوجيا وتقدم العلم وبالتالي لا مكان للأخلاق والإنسانية  في الممارسة العلمية .

الحجج والبراهين: ولقد برروا موقفهم بعده حجج وبراهين من بينها :

-قال (نيتشه):"الضعفاء والفاشلون يجب أن يهلكوا،ويجب على المجتمع أن يساعدهم على هذا الهلاك" وقال:"أن نقتل الطفل المشوه أفضل من أن نتركه يعيش ليتعذب"، فنيتشه يدعو إلى القضاء على الضعفاء والإبقاء على الأقوياء.

-وقال (جيمس واطسن):"إن مصطلح مثل حرمة يذكّرني بحقوق الإنسان،حقوق المرأة،حقوق الطفل،وصل الأمر إلى حد السخف،أرفض هذا الأمر"، وهنا يدعو جيمس واطسن إلى التركيز على الجانب البراغماتي وحاجات الإنسان،مثال ذلك التشريح قديما كان محرما واليوم صار مباحا، فالتصورات الأخلاقية تتغير بمرور الزمن.

المناقشة (نقد الحجج والبراهين): لكن أنصار هذا الطرح قدموا لنا نظرة جافة مجردة من الإنسانية وتقود إلى الإنحطاط وليس إلى التقدم،كما فعلت النازية عبر اليوجينيا وكما نرى التحول الجنسي اليوم.

ب-نقيض القضية: (النزعة الإنسانية :ضرورة حضور البيوإتيقا في علم الأحياء)

وبالمقابل يرى أنصار هذا الطرح ومن بينهم: فان بوتر،فوكوياما،دانيال كالاهان،هانس جوناس، وبعض رجال الدين وفلاسفة الأخلاق وبعض الحقوقيون بأن دراسة علم الأحياء يستلزم حضور الأخلاقيات الطبية التطبيقية (البيوإتيقا).

المسلمة: ولقد أسسوا موقفهم على مسلمة أساسية مفادها: الثورة البيوطبية (البيولوجية) تستدعي الحديث عن المخاطر الإنسانية

الحجج والبراهين: ولقد برروا موقفهم بعده حجج وبراهين من بينها :

يعتبر (فان بوتر) أول من استخدم المصطلح (البيوإتيقا)، فالبيولوجيا كأس سلوك بشري مرتيط بالأخلاق.

قال (فرنسوا فوكوياما):"لا بد من تدخل الفلسفة والسياسة في الممارسة البيولوجية"

وقالت (ناهدة البقصمي):"الجيل القادم سيحملنا مسؤولية تهاوننا عن تقرير مصيرنا ومصيره".

فالبيولوجيا تدرس ظواهر تتضمن روحا،فالحياة مقدسة في كل الديانات،وبعض التجارب البيولوجية فيها إنتهاك لحرمة الحياة كالإستنساخ البشري واليوجينيا (علم تحسين النسل البشري( eugenics ،والديانات تحرم العديد من التجارب تحريما قطعيا،وبعض الممارسات تضر بالمجتمع وتهدد صحته كالهندسة الوراثية،مما استدعى إلى إنشاء وظهور لجان أخلاقية عالمية لضبط الممارسة البيولوجية لأنها تهدد حياة البشرية ومثال ذلك إمكانية صناعة وتخليق فيروسات قاتلة (الأنفلونزا :الجمرة الخبيثة، كورونا حاليا coronavirus)،وهذا تجاوز الحدود الإنسانية كالتحكم في موروثات الجنين والإجهاض الإختياري...

المناقشة (نقد الحجج والبراهين):إن الضرورة الإنسانية هدف منشود لحياة البشرية ،لكن المبالغة في وضع الحدود والضوابط الأخلاقية يمكن أن يحدّ ويعرقل ويعيق التقدم العلمي ، وبالتالي تكون نظرة الأخلاقيين قاصرة لعدم اختصاصهم حيث يرد عليهم (جيمس واطسن):"حتى الكلاب أصبحت لها حقوق" 

التغليب: يمكن القول بأن حضور الأخلاق في ميدان الدراسات البيولوجية صار أمرا ضروريا وملحا خصوصا في عصر البيوتقنولوجيا والإقتصاد الليبيرالي الذي حول شركات الأدوية والمستشفيات الخاصة إلى تجار بنظرة مادية تهمل القيم الإنسانية والأخلاقية،فلولا الضوابط الأخلاقية والقوانين الدولية المحددة لأخلاقيات الدراسات البيولوجية لكانت البشرية اليوم على حافة الإنهيار،حيث يقول (فرنسوا فوكوياما):"هناك أشياء لا بد أن تمنع دون تحفّظ كالإستنساخ"

إبراز الرأي الشخصي: (يترك لمعالج الموضوع بناء موقفه وتبريره)

الخاتمة (حل المشكلة): نستنتج في ختام هذا المقال أن الله وهب لنا الحياة التي هي من أعظم معجزاته حيث تتولد روح عن روح،وهذه الظاهرة الفريدة في الكون تدعونا إلى تقديس الحياة وأخذها بجدية،مما يدعونا إلى توجيه الجهود العلمية البيولوجية إلى الطريق السليم خدمة للإنسانية وبما يراعي القيم الأخلاقية والدينية وليس خدمة لإيديولوجيا ليبيرالية أو أهداف إقتصادية أو أهواء فردية، فالقضية متعلقة كما يلحّ فلاسفة البيوإتيقا بمصير البشرية الذي أصبح قلقا جديا وليس مجرد مخاوف مبالغ فيها.