القائمة الرئيسية

الصفحات

هل يمكن اعتبار المعرفة في مجال الظاهرة الإنسانية معرفة علمية تجريبية موضوعية





يمكنك قراءة الموضوع مباشرة أو تحميله من الرابط أسفله


السؤال:هل يمكن اعتبار المعرفة في مجال الظاهرة الإنسانية معرفة علمية تجريبية موضوعية


مما لا شك فيه أن للمنهج التجريبي الاستقرائي الفضل العظيم في بلورة مفاهيم علمية جديدة وجذرية من الناحيتين المنهجية والإيبستمولوجية ومن بين هذه المفاهيم المستحدثة الأكثر شيوعا نجد مبدأ الموضوعية  كغاية تطمح نحو تحصيلها شتى أصناف العلوم على اختلاف مجالها المعرفي حيث تصبح الفكرة محصلة من استنطاق الموضوع بفعل التجربة المخبرية مع استبعاد لأي تأثير للذات وإحكامها المسبقة في الممارسة المعرفية وهذا ما تجسد بشكل واضح في ميدان علوم المادة الجامدة وعلوم المادة الحية على حد سواء بخلاف العوم الإنسانية التي حكم البعض بقصورها المنهجي كون الذات العارفة فيها لا يمكنها تجاوز حدود أهوائها وميولاتها الضيقة مما يفقدها مصداقيتها ويدخلها دائرة الشك بتهمة الذاتية لكن هذا لم يمنع فلاسفة آخرين من تقديم محاولات منهجية إجرائية تثبت قيمة المعرفة في مجال الظواهر الإنسانية وإمكانية ارتقاها على مصاف العلوم الموضوعية الاستقرائية وهنا نشأ ذلك الخلاف الفلسفي الجدلي الذي يطرح التساؤل التالي للمناقشة الفلسفية:هل يمكن إخضاع الظاهرة الإنسانية للدراسة التجريبية الموضوعية؟ ثم هل يمكن تصنيف هذه العوم في نفس درجة موضوعية العلوم الطبيعية وقيمتها المعرفية؟
يرى البعض من ممثلي الرؤيا التجريبية الطبيعية أن الظاهرة الإنسانية لا يمكنها أن تخضع للدراسة التجريبية الموضوعية كونها تختلف عن الظاهرة الطبيعية وتتميز عنها بعدة سمات تحول دون بلوغها اليقين الموضوعي ومن أهم تلك العوائق زوال الفصل المنهجي بين الذات الدارسة والموضوع المدروس حيث أن الذات في مجال الظاهرة الإنسانية درس ذاتها بذاتها ومن بين ممثلي هذا الاتجاه جان بياجي .
 فالظاهرة الإنسانية ليست ظاهرة شبيهة بالظواهر الأخرى فهي تتميز بأنها إرادية واعية لأنها صادرة عن ذات مفكرة وحرة مما يجعلها لا تثبت على حال واحدة ذلك أنها تتغير بحسب الإرادة الشخصية وهو ما يجعل منها ذاتية وهذا ما يعني عدم إمكانية الوصول إلى قانون يحدد شروطها بخلاف الظواهر الطبيعية التي تتميز بمبدأ الحتمية حيث تحدث وفق نسق واحد ثابت وآلي نفس الشروط فيه تؤدي إلى نفس النتائج وهذا ما يعني من ناحية أخرى عدم القدرة على التنبؤ بمستقبل الحادثة الإنسانية بتعدد مجالاتها لأنها في كل مرة تحدث بكيفية مختلفة ووفق شروط متجددة ولاشك أن غاية القانون العلمي هو تحقيق التنبؤ ومنه فلا يمكن عد المعرفة في مجال العلوم الإنسانية معرفة علمية لأنها لا تخضع لقانون حتمي ثابت ونجد بياجي يصف هذا الفرق الواضح بين موضوع علوم الطبيعة والعوم الإنسانية فيقول< لاشك ان موضوع العوم الإنسانية وهو الذات يختلف كليا عن الأجسام والقوى العمياء التي يتكون منها موضوع العلوم الفيزيائية ويختلف حتى عن الموضوعات الذوات التي تدرسها البيولوجيا و من الواضح ان هذا الإختلاف يرجع إلى درجة الوعي الذي يميز الذوات الإنسانية>وبالإضافة إلى هذا فإن كل صنف من تلك العلوم ينفرد بعوائق أخرى خاصة به وناتجة من طبيعة موضوعه فمثلا في مجال علم النفس نجد انه  يختص بدارسة الأحوال النفسية العميقة وهي وبلا  شك أحوال شعورية لا سلوكية وما هو شعوري يكون بالضرورة معنوي لامادي فلا يمكن تحديده مكانيا بل يختص فقط بالزمن النفسي  وما كان معنوي فهو قابل للوصف وليس للقياس وهو ما يتنافى مع طبيعة الدراسة التجريبية القائمة على التكميم وصياغة النتائج وفق لغة الأعداد لا الألفاظ وهو ما يعني عدم إمكانية إقامة التجربة لأنها تختص بما هو مادي يمكن رؤيته وحصره مكانيا كما أن وسيلة إدراك الشعور هو الحدس النفسي المباشر وهو ما يضفي على الحادثة النفسية صفة الذاتية فلا يمكن لغيري أن يطلع على ما يجول في نفسي كما لا يمكنني أن اطلع على شعور غيرى إلا متى صرح به وهو ما يعني عدم إمكانية  الملاحظة هذا بعكس الظواهر البيولوجية فالدورة الدموية مثلا حادثة مادية يمكن تحديد ها مكانيا وزمانيا لأن الدم مادة يمكن تحددي مركباتها والحادثة النفسية إضافة لما سبق فريدة من نوعها لا تحدث بنفس الكيفية حتى بالنسبة للشخص الواحد فالشعور وان كان حسب برغسون يمتاز بالديمومة والتدفق المستمر ولكنه لا يلبث على حال لذلك قال باسكال واصفا هذا التغير<إن الزمن يشفي من الآلام والمنازعات والضغائن لأن الإنسان يتغير من حال إلى حال فلا الجارح ولا المجروح بباقيان على حالتهما الأولى> وعليه فلا يمكن تحدد شروط الظاهرة النفسية ولا التحكم في قوانينها أما في مجال علم التاريخ فيتعذر ملاحظة الحادثة مباشرة لأنها ماضي قد تم حدوثها وانتهى زمانيا كما أنه لا يمكن تكرارها بنفس الكيفية  فهي فريدة من نوعها وهو ما يؤدي إلى استحالة التجربة التي تقترن بالتكرار المخبري للظواهر المدروسة  بالإضافة على إن المؤرخ إنسان والحادثة التاريخية جزء منه فهو يحياها وفق لوطنيته وإيديولوجيته المذهبية وهو ما يسميه الفيلسوف العربي المعاصر محمد أركون بأدلجة التاريخ أي كتابة التاريخ وفق للأهواء الذاتية بطريقة لاشعورية أو قصدية شعورية  عندما تتدخل السلطة السياسية في صياغة تاريخ الدولة طبقا لخيارتها السياسية ومنه فالحادثة المؤرخة سوف لن تعبر عن الحادثة الأصلية بل عن الحادثة المتخيلة في الذات وهو ما ينقلها من محال الحقيقة إلى مجال التزيف ذلك ما يسميه أركون بكتابة التاريخ في الظل وهذه الذاتية هي ما يفسر اختلاف الروايات التاريخية وتعارض المؤرخين فمثلا نجد البرلمان الفرنسي يسن قانون تمجيد الاستعمار على انه عملية إنسانية جسدت نقل الحضارة من العالم الأوربي المتقدم نحو العالم الإفريقي المتأخر حضاريا بينما بالعكس تماما نجد الدول المستعمر تطالب بتجريم هذا الاستعمار  والأمر  نفسه يحدث في نطاق التاريخ الإسلامي بخصوص واقعة صفين بين معاوية وعلي رضي الله عنهما حيث تختلف رواياتها التاريخية  وأما في مجال الدراسة السوسيولوجية فنجد أن الظاهرة الاجتماعية معقدة وليست بسيطة ذلك أنها تخضع لتأثير عوامل أخرى مثل الجانب النفسي والديني والاقتصادي وغيرها وما هو معقد يكون في معظمه قابل للوصف الكيفي لا للقياس الكمي وفي هذا يقول جون ستيوارت ميل ":"إن الظواهر المعقدة والنتائج التي ترجع إلى علل وأسباب متداخلة لا تصلح أن تكون موضوعا حقيقيا للاستقراء العلمي المبني على الملاحظة والتجربة " وعلى هذا فلا يمكن تحدد علتها الفاعلة الثابتة فالظواهر الاجتماعية بشرية لا تشبه الأشياء،إنها متصلة بحياة الإنسان وما هو متصل بها لا يمكن أن يخضع للبحث العلمي لأن الإنسان يملك حرية الإرادة في الاختيار والتصرف ولا تتحكم فيه مثل تلك الحتميات التي تحكم الظواهر المادية،فالزوج مثلا في استطاعته أن لا يطلق زوجته بالرغم من حضور الأسباب المهيئة للطلاق لأنه يملك الحرية في الاختيار. ومن كل الحجج السالفة يتبين حسب هذا الطرح استحالة إخضاع الظاهرة الإنسانية للدراسة التجريبية القائمة على الملاحظة والتجربة وصياغة القانون العلمي ولذلك فإن نتائجها لا ترتقي لدرجة العلمية.
لقد وفق أصحاب  هذا الطرح إلى حد بعيد في بيان صعوبة التجريب على الحادثة الإنسانية بتعدد مجالاتها وما تعترضها من عوائق خاصة ما تعلق منها بالذاتية وصعوبة امتزاج الدارس والمدروس أي أن يكون الإنسان دارسا وموضوع للدراسة في الوقت نفسه وهذا ما يحد من موضوعية نتائج مثل هذه الدراسة لكن ما لم يوفق فيه أصحاب هذا الطرح هو اتخاذهم الصعوبة مبررا للحكم بالاستحالة وهذا غير مقبول فلسيفا لان ما هو صعب ليس بالضرورة مستحيل وهذا ما يبينه تاريخ العلم حيث تطورت الآليات المنهجية للتجريب في العلوم الإنسانية بظهور وسائل مستحدثة تتأقلم مع طبيعة الظواهر البشرية.

وخلافا للطرح السالف يؤكد أصحاب النزعة الوضعية إمكانية إخضاع الظاهرة الإنسانية للدراسة العلمية التجريبية وذلك بفضل التطور الحاصل في الآليات الإجرائية للمنهج الاستقرائي وهو ما مكن من تكيفه مع موضوعات معرفية أخرى غير الموضوعات الطبيعية مع الحفاظ على الروح التجريبية وموضوعيتها ومن بين تلك الموضوعات الظاهرة الإنسانية ومن بين ابرز ممثلي هذا الاتجاه نجد كونت ودوركايم وأصحاب النظرية السلوكية في علم النفس.
فقد استند أصحاب النظرية السلوكية إلى مبدأ جوهري في إثبات إمكانية الدراسة الوضعية الموضوعية للظاهرة النفسية وهو انه لكل شعور داخلي سلوك خارجي يجسده بل إن هناك من ينفي وجود الشعور أصلا مثل عالم وظائف الأعضاء هوكسلي الذي ينفي أي تأثير للشعور في تكوين الحياة النفسية  حيث يقول<نحن آلات متحركة مزدانة بالشعور ولكنه ليس علة فاعلة إنه في علاقته بالظواهر الفيزيولوجية بمنزلة الظل من الجسم > ومنه فالشعور ظاهرة تابعة وإضافية لا فعل لها ولا اثر وقد أصبحت هذه النظرة المادية عماد النظرية السلوكية بزعامة واطسون الذي انتهى هو أيضا إلى نفي الشعور كليا واعتباره خرافة ميتافيزيائية لذلك ترى المدرسة السلوكية ضرورة وضع قطيعة إيبيستمولوجية مع علم النفس التقليدي الشعوري وأسسه الفلسفية الميتافيزيائية حيث ترى أن موضوع علم النفس هو السلوك الخارجي وهنا أثبت واطسون وبافلوف من خلال تجربتهما الشهيرة على الكلب نظرية المنعكس الشرطي حيث يصبح كل سلوك إنساني استجابة لمنبه خارجي يمكن تحديده وملاحظته والتجريب عليه  وبما أن كل سلوك ما هو إلى رد فعل آلي حتمي لمنبه خارجي فهذا يعني خضوع الحياة النفسية السلوكية لمبدأ الحتمية حيث أن نفس المنبهات تؤدي حتما إلى نفس الاستجابات وهذا ما يمكن أيضا من صياغة القوانين العلمية والتنبؤ بمستقبل الحادثة وهكذا يتحرر علم النفس من قيود الذاتية والتفسيرات الميتافيزيائيى ويستبدلها بتحليلات موضوعية مادية وحسية  وقد كانت أولى التجارب التي أقيمت في هذا المجال هي تلك التي قام بها العالمان ويبر وفيخنر حول الإحساس وعتباته فقد أثباتا أن  الإنسان لا يحس إلا إذا وصلت شدة المؤثر  الخارجي إلى درجة معينة تسمى بالعتبة الدنيا كما أن نفس المؤثر إذا ما ازدادت شدته ووصلت إلى درجة العتبة الفارقة فلا يمكنه كذلك أن يحس بهذا المنبه ومن جهة أخرى فالإحساس بالتغير لا يحدث إلا إذا تغيرت شدة المؤثر بمقدار معين وأما في مجال التاريخ وإن كان لا يمكن تجسيد المنهج الاستقرائي بصورته الآلية  كما في علوم المادة الجامدة ولكن من ناحية أخرى يمكن تكيفه مع طبيعة الظاهرة التاريخية ومن خلال منهج النقد التاريخي الذي ابتدعه ابن خلدون ثم تطور على يد بعض المفكرين الغربيين كتوينبي ورينان حيث يمر هذا المنهج عبر ثلاث مرحل أساسية أولها جمع المصادر وتصنيفها إلى مصادر مقصودة قصد منها أهلها تخليد تاريخهم كالروايات والكتب التاريخية وأخرى غير مقصودة غرضها الاستفادة في الحياة كالقطع النقدية والأسلحة والمباني وبعد هذا تأتي مرحلة نقد المصادر وخاصة المقصودة والنقد بدوره قسمان نقد خارجي يتناول شكل الوثيقة ومادتها يحتاج فيه المؤرخ إلى علوم مساعدة كعلم الكيمياء ونقد باطني يتناول مضمون الوثيقة وشخصية المؤرخ مبينا أسباب الأغاليط في تدوين التاريخ والتي أشار إليها ابن خلدون في مقدمته ومن بينها ولوع النفس بالغرائب وسهولة التجاوز على اللسان والتقرب من ذوي المال والسلطان وبعد كل هذا تأتي مرحلة بناء الحادثة التاريخية من جديد انطلاقا من المعطيات الجديدة التي يقدمها النقد وتمثل هذه الخطوات الثلاثة مراحل المنهج التجريبي في التاريخ مكيفة مع طبيعة الحادثة التاريخية ومميزاتها وقد جسد ابن خلدون هذا المنهج من خلال نقده لروايات  المؤرخين السابقين عليه كنقده لرواية المؤرخ المسعودي في كتاب مروج الذهب حين أحصى عدد جيش بني إسرائيل في أرض التيه بستة مائة ألف جندي مع أنه بين جدهم الأول يعقوب عليه السلام وموسى عليه السلام أربعة أجيال وأما في مجال الدراسة السوسيولوجية فقد حال أوغيست كونت مؤسس الفلسفة الوضعية تأسيس ما أسماه بالفيزياء الاجتماعية حيث حاول دراسة الظاهرة الاجتماعية  بنفس طريقة البحث في الظواهر الفلكية والطبيعية وقد طور أميل دوركايم في كتابه قواعد المنهج هذه الرؤيا مؤكد أن الظاهرة الاجتماعية ليست ذاتية بل موضوعية ودليل ذلك أنها ليست من صنع الفرد بل هي خارجة عنه يجدها تامة التكوين في المجتمع وبتالي يمكن ملاحظتها وتحديد شروطها حيث يقول<إن الظاهرة الاجتماعية تنطوي بصفة مباشرة وطبيعية جدا على جميع خواص الأشياء الخارجية> ومن هذه الخواص المشتركة مبدأ الحتمية حيث يرى دوركايم أن الفرد يخضع للقهر الاجتماعي الذي يشبهه بالهواء الذي نستنشقه دون أن نشعر بوزنه فلا يمكن له التمرد على عادات وقيم مجتمعه كاللغة والعملة النقدية بل إن حتى الضمير الفردي هو من صنع المجتمع حيث يقول <إذا تكلم الضمير فينا فإن المجتمع هو الذي تحدث فينا> ومنه فيمكن تحديد شروط للظاهرة الاجتماعية ويلخص دوركايم الخواص الموضوعية والحتمية للظاهرة الاجتماعية عندما يقول<وتميل الظواهر الاجتماعية بطبيعتها إلى خلق كيان خاص بها خارج شعور الأفراد  وذلك لأنها تسيطر على شعور ككل فرد منهم > وهكذا ولما كانت خواصها تشبه خواص الأشياء الخارجية فيمكن دراستهما بنفس المنهج وهو التجربة وذلك بتوظيف آليات بإمكانها تكيف هذا المنهج مع طبيعة الحوادث البشرية كسبر الآراء ووسائل القياس  ومن كل هذه الحجج السالفة يؤكد أصحاب هذا الطرح إمكانية الدراسة الموضوعية التجريبية للظواهر الإنسانية وبتالي يمكن وصف العلوم الإنسانية بأنها لعوم تجريبية مثلها مثل علوم المادة الحية وعلوم المادة الجامدة.
لقد وفق ممثلي الدراسة الوضعية المادية للظواهر الإنسانية إلى حد بعيد في بيان آليات تطبيق المنهج التجريبي وتطويرها وهذه تعد إضافة منهجية بالغة الأهمية ساهمت في تطور هذه العلوم ورقيها لكن هذا غير كافي من أجل تصنيف موضوعية هذه العلوم في نفس درجة موضوعية علوم الطبيعة الخارجية والدليل القاطع على ذلك هو تعدد تفاسير الظاهرة التاريخية أو النفسية الواحدة وتعارضها بين العلماء وهذا ما يوضح صعوبة تجاوز حدود الذاتية كليا في هذا الصنف من العوم وذلك راج لطبيعة موضوعاتها.
إن كلى الموقفين السالفين نظر من زاوية أحادية للموضوع وهو ما جعلهما يجانبان الصواب منفردان حيث أنه لا يمكن اعتبار الصعوبة المنهجية وطبيعة موضوع الظاهرة الإنسانية مبرر لإلغاء إمكانية الدراسة التجريبية لها كما انه لا يمكن من ناحية أخرى المساواة بين موضوعية العلوم الطبيعية والعلوم الإنسانية وتجاهل العوائق المنهجية  ومنه فلابد من الجمع بينهما حيث لبد من الإقرار بوجود تلك العوائق ثم العمل على تجاوزها يتطوير الآليات الإجرائية للمنهج التجريبي وتكيفها مع طبيعة الموضوع في الظاهرة الإنسانية.
ومن كل ما سبق من تحليل نستنتج أن الظاهرة الإنسانية بالرغم مما واجهته من عراقيل إبيستمولوجية في مجال الدراسة التجريبية خاصة في المحاولات الأولى إلا أن هذا لم يكن سلبيا على وجه كلي بما أنها حفزت الباحثين في مجال العلوم الإنسانية إلى إبداع وسائل منهجية جديدة ساهمت بشكل مباشر في تطور الجانب المعرفي في هذا الحقل من العلم وهو ما ممكن من تصنيف العلوم الإنسانية في خانة العلوم التجريبية رغم اختلاف موضوعاتها وطبيعتها عن مواضيع العلوم الطبيعية