يمكنك قراءة الموضوع مباشرة أو تحميله من الرابط أسفله
|
تحليل مقالة
جدلية
السؤال:هل تجسيد الاستقرار السياسي مرهون
بمراعاة إرادة المحكومين؟
أسئلة بديلة لها نفس الحل: هل يستمد الحاكم سلطته دائم من إرادة
الشعب؟
وأنت تشاهد الواقع السياسي اليوم هل
تعتقد بان الديمقراطية أفضل النظم السياسية للشعوب؟
|
إن الإنسان دائم الميل إلى الحياة في إطار
الجماعة وهذا طبع تشاركه فيه جميع الكائنات الحيوانية على اختلاف أصنافها غير أن
ما يميز مدنية الإنسان عن ما سواها طابعها العقلي القصدي وهو ما يؤهله لتشكيل
نسيجا مدنيا أكثر رقيا وتحضرا هذا ما تعبر عنه الدولة باعتبارها الوسط المنضم
للحياة الإنسانية المستقرة في أرقى صورها ومن اجل ضمان دوام هذا الاستقرار ظهرت
النظم السياسة التي وإن كانت غايتها مشتركة
إلا أن تصوراتها لوسائل بلوغ حالة الأمن والاستقرار لم تكن كذلك بل شكلت
محور نقاش وتناقض فهناك من تصور أن تجسيد الاستقرار السياسي يستوجب مراعاة إرادة
الحاكم الفرد بينما بالعكس هناك من قرر أن هذه الغاية لن تتحقق إلا حينما تراعى
إرادة المحكومين{الشعب} وأمام هذا الجدل يطرح الإشكال التالي نفسه بإلحاح:هل
تحقيق الاستقرار السياسي يقوم على أساس تنفيذ إرادة الحاكم ام على تنفيذ إرادة
المحكومين؟
يرى ممثلي التصور الفردي
للسلطة بكل أصنافه{الديكتاتوري/الملكي/الديني/الأرستقراطي}أن ضمان استقرار
الدولة يقتضي أن تجتمع زمام الحكم في يد فرد واحد يسير شؤون المجتمع طبقا
لإرادته الخاصة دون أدنى اعتبار لإرادة المحكومين الذين لا يسعهم سوى الخضوع
للإرادة حاكمهم ومن بين ممثلي هذا
التوجه توماس هوبز وروبيرت فيلمر وأفلاطون وغيرهم.
حيث نجد أفلاطون يعبر عن
نظريته السياسية من خلال تصوره الفلسفي للمدينة المثالية التي يحكمها الفيلسوف
والتي تنظم اجتماعيا وفقا لطبيعة النفس ومؤهلاتها الطبيعية الفطرية ويلجأ
أفلاطون هنا إلى أسطورة فنيقية قديمة تقول أن الناس جميعا قد ولدوا من الأرض
أمهم وعليهم حمايتها والدفاع عنها لكن الإله الذي خلقهم منها خلط معدن بعضهم
بالذهب ليهبهم الحكم فهؤلاء أثمن الجميع وخلط معدن بعضهم بالفضة واعدهم للحراسة
والحرب أما الباقي فقد أعدهم للصناعة والزراعة وخلط طبيعتهم بالحديد والنحاس
وهكذا نجد المجتمع الأفلاطوني مجتمع طبقي وحسبه فالطبيعة نفسها فرضت هذا التمايز الثلاثي فهناك طبقة
العامة وهو أصحاب الطبيعة الشهوانية المتمثلة فضيلتهم في العفة ووظيفتهم خدمة
باقي طبقات المجتمع أما أصحاب الطبيعة الغضبية فهم طبقة الجنود الذين تكون
فضيلتهم الشجاعة ووظيفتهم الدفاع عن المدينة أما أرقى الطبقات جميعا فهي طبقة
الحكام وهم أصحاب النفس الناطقة الخالدة المدركة لعالم والذين تؤهلهم طبيعتهم
لوظيفة الحكم وتتجسد فضيلتهم في الحكمة وهو وحدهم الفلاسفة وهنا بالذات يتوضح
التصور الأفلاطوني الأرستقراطي حينما يحصر أحقية الحكم في أفراد محددين ومحصورين
هم الفلاسفة دون غيرهم ومن هذا المنطلق أيضا ينتقد أفلاطون الديمقراطية كونها لا
تحترم المؤهلات الطبيعية فتسمح لأي كان بالوصول إلى السلطة حتى وإن كانت مؤهلاته
لا تسمح له بإدراك حقائق المثل وحينها ستتحول المدينة من مثالية إلى ظالمة.أما
أصحاب التصور الملكي للحكم الفردي فنجدهم يحصرون حق الحكم في عائلة واحدة
تتوارثه عبر أجيالها المختلفة فنجد روبيرت فيلمر يؤيد حق الملوك الإلهي المطلق
في الحكم وعارض حقوق الشعب في اختيار الحكومة التي تناسبه ذلك أن الله قد وهب
السلطة لآدم ومنه لأبنائه حتى وصلت للملوك الحالين فحق الملك على شعبه كحقوق
الأب على أبنائه وهكذا نجد فيلمر يرجع الحقوق السياسية إلى قصة آدم في كتابه
{المملكة الأبوية} المكرس لما يسميه
فيلمر بحق الملوك المقدس فدعى إلى وجوب استمرار الملك البريطاني
في عائلة الملك جيمس الأول والنظام الملكي صنفان ملكي مطلق يتصرف فيه الملك
تصرفا مطلقا في شؤون الدولة كما دعى إلى ذلك فيلمر وملكي مقيد يتميز بوجود
برلمان يعبر عن إرادة الشعب كما هو الحال في بريطانيا وإسبانيا.أما التصور
الديكتاتوري فنجده مؤيدا من قبل توماس هوبز صاحب نظرية العقد الاجتماعي الذي
يشبه الدولة بالإنسان ويكون الحاكم فيها هو الروح والثروة هي القوة وأما الداء
الذي يقضي عليها فهو الحرب الأهلية والعقود التي توجد بها الدولة هي في مقابل
فعل الخلق الأول ويوضح هوبز أن المجتمع السياسي كان مسبوقا بالمجتمع الطبيعي حيث
عاش الناس وفقا لفطرته الطبيعية والتي يصفها هوبز بالشريرة في قوله{الإنسان
ذئب لأخيه الإنسان} فيرى أن الناس في هذه الحالة قد ولدوا متساويين في حبهم
لحريتهم ورغبتهم في البقاء وفي السيطرة على الآخرين ولما كان كل إنسان في هذا
الوضع يحاول أن يدعم كيانه طبقا للغرائز السالفة فإن العلاقة بين أفارد المجتمع
الطبيعي تصبح حرب مستمرة وهي ما يسميها هوبز بحرب الجميع ضد الجميع فيسود خطر
الموت الدائم غير أن قوة غريزة حب
البقاء والحياة تحتم على أفراد المجتمع الطبيعي وضع عقد اجتماعي ينقلهم إلى حالة
المجتمع السياسي مفاده التنازل عن
إرادتهم الخاصة وجميع غرائزهم الطبيعية لصالح شخص واحد مهمته حفظ السلام والحفاظ
على حياة الأفراد يقول هوبز واصفا هذه الحالة الجديدة{فيجتمع عدد من الناس
ويتفقون على اختيار حاكم أو هيئة حاكمة تمارس سلطتها على الجميع ويتنازلون لها
عن سلطتهم وبهذا يوجد الليفيثان الإله الأرضي الذي يدينون له جميعا بالسلام
والحماية} وبهذا فالحاكم عنده بمثابة إله أرض وجب على الأفراد طاعته طاعة
مطلقة مقابل أن يضمن لهم الحفاظ على حياتهم وكان هذا التصور الديكتاتوري مؤيدا
من قبل عند ميكيافيل في كتابه الأمير حيث يعتبر تحقيق الاستقرار غاية مطلقة
للحكم وهي غاية خيرة في ذاتها وبتالي فإن كل الوسائل المؤدية إليها هي خير كذلك
حتى الرذائل مشروعة ومباحة في سبيل تحقيق هذا الهدف المطلق للأمير حيث يرفع
الشعار التالي{الغاية تبرر الوسيلة} لذلك فعلى الحاكم أن يختار أنجع
الوسائل وأفضلها وهي أسلوب القوة والتخويف حيث يقول ميكيافيلي{أيهما أنفع
للامي ران يحب أكثر ممن يخشى أم يهاب أكثر ممن يحب ؟الجواب انه ينبغي له أن يكون
محبوبا ومهابا وحيث يصعب الجمع بين الحالتين فإذا احتاج الأمير لأحدهما فالأفضل
أن يهاب}.ونجد فرديريك نيتشه يميز بين أخلاق العبيد والضعفاء مثل الرحمة والشفقة وأخلاق السادة والحكام
وهي أخلاق القوة والسيطرة حيث يقول معلنا للحكام{إني أضع فوق رؤوسكم هذا اللائحة
الجديدة كونوا قساة} وقد تجسدت
أفكار ميكيافيلي في إيطاليا مع الفاشية التي مثلها موسولوني وأما أفكار نيتشه في
ألمانيا فقد جسدتها النازية مع هيتلر.وإلى جانب أصناف الحكم الفردي السالفة نجد
التصور التيوقراطي الذي يجعل من الحكم
هبة إلهية لخاصة الناس حسب فرق الشيعة هم الأئمة المعصومين من الخطأ والذين تكون
طاعتهم طاعة لله لأنهم ممثليه في الأرض ميزهم بطبيعة إلهية مخالفة لطبيعة البشر
تمكنهم من تيسر شؤون الدولة وتنظيمها حسب الإرادة الإلهية المطلقة يبعثهم الله
من أجل تسهيل حياة الناس وبلوغ السعادة الدنيوية والأخروية وهو ما يؤيده أيضا
التصور الكنسي للحكم حينما يجعل أباء الكنيسة خلفاء لله في الأرض فتكون مخالفتهم
مخالفة للإله.ورغم اختلاف تصوراتهم إلا أن ممثلي الحكم الفردي يتفقون حول فكرة
واحدة مفادها أن مقاليد الحكم يجب أن
تجتمع في يد حاكم واحد على أفراد الشعب طاعته طاعة تامة والانصياع المطلق
لأوامره.
رغم أن أصحاب هذا الطرح قد
وفقا إلى حد ما في بيان أهمية تحقيق الأمن والسلام إلا أن لكل تصور مآخذ فالقوة
التي زعم الديكتاتورين أنها وسيلة لتحقيق السلام هي في غالب الأحيان ذريعة للظلم
الاجتماعي واضطهاد الأفراد وبتالي فالسلم الذي تحققه الديمقراطية ما هو إلا سلم
مزيف أما فيلمر الذي جعل من الحكم حقا وراثيا من آدم إلى أبنائه فرد طرحه من
منطلق أن البشر كلهم من آدم لذلك فالتحقق من الوريث الشرعي أمر مشكوك فيه ومتعذر
فيحين أن أصحاب التصور الديني أغفلوا أن الوحي انقطع مع الأنبياء والرسل وان
باقي البشر كلهم من طبيعة واحدة فلا يختلفون فيما بينهم إلا بالعلم والتقوى وهو
ما صفتين مكتسبتين لا هبة طبيعية من الإله.
وخلافا للطرح السالف يرى
أنصار التصور الديمقراطي بأصنافه المختلفة والمتعددة ان بلوغ الدولى حالة
الاستقرار والأمن يستوجب أن يشارك أراد المجتمع في صنع القرار السياسي ومن بين
ممثلي هذا التوجه جون لوك وكارل ماركس.
حيث تعود الجذور التاريخية للديمقراطية إلى الحضارة
اليونانية وهي في أصلها اللغوي كلمة مركبة من شقين
الأولى مشتقة من الكلمة اليونانية Δήμος أو Demos وتعني عامة الناس، والثانية Κρατία أو kratia وتعني حكم. وبهذا تكون الديمقراطية Demoacratia تعني لغة {حكم الشعب}أو {حكم الشعب لنفسه} حيث يصبح المثل
الأعلى في الحكم الديمقراطي هو أن يحكم الشعب نفسه بنفسه وهي الغاية المثالية
للديمقراطية وقد تجسد هذا المعنى
بحذافيره ضمن الديمقراطية المباشرة في نظام دولة المدينة وبصفة خاصة في
آثينا وتسمى عادة بالديمقراطية النقية وهي الأقل شيوعا وتمثل النظام الذي يصوت
فيه الشعب على قرارات الحكومة
مثل المصادقة على القوانين
أو رفضها وتسمى بالديمقراطية المباشرة لأن الناس يمارسون بشكل مباشر سلطة صنع
القرار من دون وسطاء أو نواب ينوبون عنهم. وتاريخياً
كان هذا الشكل من أشكال الحكم نادراً نظراً لصعوبة جمع كل الأفراد المعنيين في
مكان واحد من أجل عملية التصويت على القرارات. ولهذا فإن كل الديمقراطيات
المباشرة كانت على شكل مجتمعات صغيرة نسبياً وعادة ما كانت على شكل دول المدن،
وأشهر هذه الديمقراطيات كانت أثينا القديمة حيث كان
يجتمع نصف أو ربع سكان أثينا من الذكور يناقشون أمور الدولة وشؤون الحكم
وبالإضافة إلى هذا الصنف توجد الديمقراطية غير المباشرة أو النيابية وهي نظام سياسي
يصوت فيه أفراد الشعب على اختيار أعضاء الحكومة الذين
بدورهم يتخذون القرارات التي تتفق ومصالح الناخبين. وتسمى بالنيابية لأن الشعب
لا يصوت على قرارات الحكومة
بل ينتخب نواباً يقررون
عنهم. وقد شاع هذا الشكل من الحكم الديمقراطي في العصور الأخيرة حيث نجد جون لوك
يتصور ان الدولة تقوم على ثلاث سلطات
محورية سلطة تشريعية يمثلها البرلمان وضيفتها تشريع القوانين المعبرة عن إرادة
الشعب وسلطة تنفيذية تمثلها الحكومة وظيفتها تنفيذ تلك القرارات والتشريعات
وسلطة قضائية مهمتها رقابية للسلطتين السالفتين ومن هنا فالمواطنين في الدولة
الديمقراطية يخضعون للقوانين التي شرعوها أنفسهم عن طريق من ينوب عنهم وهنا
تتجسد الحرية السياسية وهو مبدأ نادى به
جون لوك كمنطلق لتأسيس الديمقراطية السياسية الليبرالية حيث نجده يؤكد أن الدولة
ليست ضرورة طبيعية بيد أن الناس قي اجتماعهم الطبيعي عاشوا في غيابها غير أن
الخوف من أن يسطو إنسان غير منتج على إنتاج غيره طبقا للغريزة الفطرية في التملك
نشأة الدولة والمجتمع السياسي بفعل عقد اجتماعي بين أفراد المجتمع الطبيعي
مضمونه إيجار حاكم يجسد إرادتهم الكلية
وبهذا يكون الهدف الأكبر من نشؤ الدولة هو المحافظة على ملكيات الأفراد وبهذا
يكون لوك قد لخص المبدأين الرئيسيين للديمقراطية الليبرالية وهما أولوية الفرد
على الجماعة ومبدأ الحرية السياسية الذي يتجسد على مستوى الممارسة السياسية في
التعددية الحزبية النابعة من اختلاف أراء الناس وتصوراتهم وإرادتهم الخاصة وفي هذا
يقول سبينوزا مؤيدا لوك { إن الناس قد جبلوا على طبيعة تجعلهم لا يطيقون تحمل
شيء أسوء من تحملهم أن تؤخذ الآراء التي يعتقدون في صحتها, إنها هدامة وهو ما
ينتهي بهم إلي كره القوانين و التجرؤ على تحدي سلطة القضاة }بخلاف كارل
ماركس الذي انتقد هذا التوجه ودعا لتصور جديد يركز على الجانب الاجتماعي فأسس
بذلك الديمقراطية الاجتماعية التي تعتقد أن سبب اللإستقرار السياسي هو المفارقات الطبقية الاجتماعية
التي أفرزتها الليبرالية السياسية لذلك قامة على مبدأ واحد هو المساواة
الاجتماعية التي تعطي الأولوية للجماعة على الفرد لذلك نجدها قد قامت على
الأحادية الحزبية ورغم اختلاف تصوراتهم إلا أن أصحاب التوجه الديمقراطي يؤكدون
على فكرة جوهرية واحدة مفادها أن السلطة لا تكون شرعية إلا حين تكون وليدة
الإرادة العامة للشعب.
رغم المبادئ
والقيم السامية التي سعت الديمقراطية إلى تكريسها إلا انه بالمقابل من الصعوبة
بما كان تطبيقها على أرض الواقع لأنها ليست مجرد دستور سياسي بل هي قبل ذلك كما
يرى مالك بن نبي شعور أخلاقي وتربوي مترسخ في الضمير الاجتماعي حيث يقول{ فليست
الديمقراطية في أساسها إذن عملية تسليم سلطات تقع بين طرفين معينين،بين ملك وشعب
مثلا،بل هي تكوين شعور وانفعالات ومقاييس ذاتية واجتماعية،تشكل مجموعها الأسس
التي تقوم عليها الديمقراطية في ضمير شعب،قبل أن ينص عليها أي دستور} لذلك
فالواقع يثبت فشل الديمقراطية في تجسيد تصوراتها المثالية بدليل الاستعمار
الليبرالي الحديث.
إن كلى التصورين السالفين قد أثبت التاريخ أنهما لم يجسدا غايتهما
المثالية وهي تحقيق الاستقرار بالنظر إلى الفشل الذي حققه نظام الحكم الفردي
خاصة الديكتاتوري كما أن الديمقراطية المزيف لم تحقق ما كانت تصبو إليه وخير
دليل على ذلك ما حدث في الربيع العربي في تونس ومصر وبتالي فالنظام السياسي
الأصلح هو الذي يكوَن مجتمعا صالحا وحاكما صالحا وهذا لا يتجسد إلا في نظام
الحكم الإسلامي وهو الذي يستمد فيه الحاكم سلطته من الشرع والرعي التي تعتبر
مصدرا لقوته وبتالي يكون مسئولا أمام خالقه ورعيته التي تراقبه وتحاسبه وتنصحه
فإن انحرف عن الشرع فقد حقه في السلطة وعزل وإن أبى قوتل وتتجلى هذا المبادئ
السامية للنظام الإسلامي في أول خطبة لأول خليفة للمسلمين أبو بكر الصديق حينما
قال{أيها الناس إني وليت عليكم ولست بأحسنكم فإن أحسنت فأعينوني وإن أخطأت
فقوموني ...أطيعوني ما أطعت الله ورسوله فإن خالفت فلا طاعة لي عليكم} وقد تجلى
نظام الشورى الإسلامي الذي نص عليه القرآن{وأمرهم شورى بينهم} في أرقى صوره
المثالية في سقيفة بني ساعدة حينما واجه المسلمين اخطر معضلة سياسية في تاريخ
البشرية هي تحديد الإنسان الذي سيخلف النبي محمد صلى اله عليه وسلم في قيادة
المسلمين وحل الخلاف وفقا لمبدأ الشورى بمبايعة أبي بكر الصديق وقد تجلت أيضا
أبهى صور مثالية الحكم الإسلامي في قصة رسول الروم إلى عمر بن الخطاب حينما وجده
نائما في العراء تحت جذع النخلة فخاطبه قائلا{عدلت فأمنت يا عمر} وبهذا يتضح أن
الاستقرار السياسي لم يتحققا فعليا إلا في إطار الخلافة الإسلامية الراشدة.
ومن التحليل الفلسفي السالف نستنج أن غاية النظم السياسية مشتركة وهي
بلوغ الاستقرار غير أن وسيلة بلوغ هذه الغاية قد أدت إلى نشؤ تصورات مختلفة فيها
من يدعو إلى الحكم الفردي وفيها من يدعو إلى حكم الجماعة رغم أن التاريخ السياسي
أثبت أن كلاهما لم يحقق غايته بشكل كلي وإن كان العالم كله يدين بالديمقراطية
السياسية الأكثر شيوعا بين المجتمعات الحالية إلا أن الخيار الإسلامي قد أبهر
الإنسانية بصور مثالية للاستقرار والعدل رغم
عزوف الدول العربية عنه والتي ولت وجهها شطر الخيار الليبرالي الذي أثبت
ويثبت التاريخ فشله لذلك يبقى الإشكال مطروحا :متى تعود الدول العربية إلى
استثمار منظومتها السياسية الإسلامية؟
المصادر المعتمدة في إنجاز هذه المقالة:
الفلسفة السياسية من أفلاطون إلى ماركس تأليف: د.أميرة حلمي مطر{كلية
الآداب-جامعة القاهرة}
السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية تأليف:شيخ الإسلام ابن تيمية
القضايا الكبرى تأليف :مالك بن نبي
موسوعة ويكيبيديا
|